أفضل الأعمال في رمضان
سُبحان الله والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد:
فإن دخول رمضان هذا شهر رمضان فرصة عظيمة للمؤمنين لاستغلال وقتهم بالصيام والعلم والتعليم خلال النهار، والإطعام والصلاة والدعاء خلال الليل. يجب على المسلمين أن يستثمروا هذا الشهر المببارك للقيام بالأعمال الصالحة وتحسين حالهم، ويبذلوا جهداً أكبر من قبل. يجب على المؤمنين أن يكونوا كأصحاب السابقين في العبادة، سواء في شهر رمضان أو غيره من الشهور.
قال حماد بن سلمة: كلما حضرنا سليمان التيمي في وقت يطاع فيه الله وجدناه يطيع، إذا كان وقت الصلاة وجدناه يصلي، وإذا لم يكن وقت الصلاة وجده إما متوضئًا أو يعود مريضًا أو يشارك في جنازة أو يقعد في المسجد، وكنا نعتقد أنه ليس مناسبًا أن يعصي الله.
وقد تنوعت أشكال العبادة والأعمال الصالحة في هذا الشهر المبارك، التي كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقوم بها، وكان أصحابه والذين ساروا على خطاه يمارسونها أيضًا.
الأعمال الصالحة في رمضان
ومن هذه الأعمال:
1. قيام الليل
قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث أبي هريرةمن أدى صيام رمضان بإيمان واحتساب، سيُغفر له ذنوبه السابقة. رواه البخاري (37)، ومسلم (759).
حدثني أبو ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:إذا وقف الرجل مع الإمام حتى ينصرف، سيُكتب له قيام ليلة.
ورد في تراجم الحديث أن الترمذي روى هذا الحديث (رقم 806) ووصفه بأنه حسن صحيح، ورواه النسائي (رقم 1364) وأبو داود (رقم 1375) وابن ماجه (رقم 1327).
امرأة كانت تحب أبا محمد تقول له في الليل: “لقد مر الليل وأمامنا طريق بعيد، وزدنا قليلا، وقوافل الصالحين قد ساروا قدامنا، ونحن ما زلنا هنا”.
قال محمد بن المنكدر: أنا أحلم بالليل وأعجز في النهار، وعندما يأتي الصباح، لا أزال بحاجة إلى ما أنجزته.
عندما بلغ عطاء – ابن أبي رباح – ثماني عشرة سنة، كان يعتاد قراءة مئتي آية من سورة البقرة أثناء الوقوف لصلاة، وكان لا يزال ثابتاً في مكانه دون حركة أو تغيير رغم كبر سنه وضعفه.
2. الدعاء
وقد كان مجيء قوله تعالى إذا سأل عبادي عني، فإني قريب، أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يهتدون.تظهر آيات الصيام بشكل واضح أهمية هذه العبادة خلال شهر رمضان.
والدعاء هو العبادة تشير هذه العبارة إلى فقدان العبد لربه واحتياجه الدائم له، وقد أطلق الله عليها اسم العبادة في قوله: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ غَافِرًا” /60.
3. الاعتكاف
عن محمد بن نفير رضي الله عنهما: أن الرسول صلى الله عليه وسلمكان يقيم اعتكافا في الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان. . رواه البخاري (1921)، ومسلم (1171).
قال ابن القيم رحمه الله – مبيِّناً بعض فوائد الاعتكاف -:
بسبب أهمية تقوية القلب وتحقيق استقامته على الطريق إلى الله، يتوقف ذلك على ارتباط القلب بالله وتوجهه الكامل نحوه. فليس هناك شيء يضعف القلب ويشتته كما يفعل الارتباط بالله. ومن هنا كان الصوم والاعتكاف وسيلة للتخلص من فوضى الشهوات التي تعيق الوصول إلى الله، حيث يركز القلب فقط على الله ويبتعد عن انشغالات الدنيا.
4. الجود وقراءة القرآن
وعن ابن عباس قال: كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس سخاءً، وكانت سخونته تتزايد في شهر رمضان عندما يلتقي جبريل ويُدرسه القرآن كل ليلة، لذلك كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الرياح المرسلة. رواه البخاري (6)، ومسلم (2308).
قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصيام والقرآن سيقومان بشفاعة العبد يوم القيامة، حيث يُظهر الصيام أنه ترك الطعام والشهوة طوال النهار، فيتوسل بأن يشفع له، بينما يُظهر القرآن أنه ترك النوم في الليل لقراءته، فيتوسل بأن يشفع له. رواه أحمد (6589) بسند صحيح.
شهر رمضان هو شهر القرآن، لذا يجب على المسلم أن يزيد من قراءته. كان السلف يولون اهتماما كبيرا لكتاب الله، فكان جبريل يدرس القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، وكان عثمان بن عفان يكمل قراءة القرآن كل يوم، وكان بعضهم يكمله في قيام رمضان كل ثلاث ليالي أو كل سبع ليالي أو كل عشر ليالي. كانوا يقرؤون القرآن في الصلاة وخارجها. للشافعي كانت ستون ختمة في رمضان يقرؤها خارج الصلاة، وكان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان.
قال ابن عبد الحكم: عندما يدخل مالك شهر رمضان، يترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويكرس وقته لتلاوة القرآن من المصحف. وأشار عبد الرزاق إلى أن سفيان الثوري يترك كل أنواع العبادة ويهتم بتلاوة القرآن في شهر رمضان. وكان الزهري يفضل الابتعاد عن الحديث والمجالسة ويخصص وقته لتلاوة القرآن في هذا الشهر.
قال ابن رجب: “النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث ليس للتحذير من القراءة نفسها، بل لتحفيز الناس على الاستمرار فيها. في الأوقات المحببة مثل شهر رمضان وليالي القدر، والأماكن المباركة مثل مكة، يُحب تكرار تلاوة القرآن كثيرًا للاستفادة من فضل الوقت والمكان.”
5. العمرة في رمضان
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار: «ما يمنعك أن تحج معنا؟» قالت: كان عندنا هدي ركبه أبو فلان وابنه – زوجها وابنها – ولم يتركوا لنا هدياً نحج به. قال النبي: «إذا جاء رمضان فاعتمروا فيه؛ فإن عمرة في رمضان حجة». رواه البخاري (1690)، ومسلم (1256).
والناضح: بعير يسقون عليه.
6. ترك الغيبة والنميمة والمعاصي
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:من لم يترك قول الكذب والتصرف بناءً عليها، فلا حاجة لله في أن يترك طعامه وشرابه. رواه البخاري (1804).
الصيام يعتبر فرصة للابتعاد عن التدخين والصحبة السيئة والابتعاد عن الخطايا، حيث يمتنع المرء عن تناول الطعام والشراب ويقضي وقته في الصلاة والعبادة في بيوت الله تعالى.
7. إطعام الطعام
قال الله تعالى: وهم يطعمون الطعام بحبهم للمسكين واليتيم والأسير. نحن نطعمكم من أجل الله دون أن نرغب في جزاء أو شكر منكم. نحن نخاف من ربنا في يوم عبوس قمطرير، فجزاهم الله في ذلك اليوم بالخير ومنحهم نظرة وسرورا، وجعل لهم جنة وحريرا بسبب صبرهم. الإنسان/ 8 – 12.
قال زيد بن خالد الجهني: صلى الله عليه وسلم قال:من أفطر صائمًا سيحصل على أجر مثل أجر الصائم دون أن ينقص من أجر الصائم شيئًا.ورد في الحديث توثيق من جانب الترمذي وابن ماجه وتم تصحيحه من قبل الألباني.
كان السلف الصالحون يحرصون على تقديم الطعام للآخرين ويعتبرون ذلك من أفضل العبادات. وكان بعض السلف يقول: “أن أدعو عشرة من أصحابي لتناول الطعام الذي يحبونه أفضل بالنسبة لي من أن أعطي عشرة أشخاص من ذرية إسماعيل الحرية”.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.